مخابز تحت الأنقاض: تحقيق في قصف مخبز المغازي الجديد

المنهجية:

- جمع المعلومات: تمّ جمع وحفظ وتحليل مقاطع الفيديو والصور من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المنشورة وقد بلغ عدد المصادر التي تمّ استخدامها في التحقيق 34 مصدرًا بوسائط مختلفة.

  • - التحقق الزمني: تم تحديد تاريخ ووقت الهجوم من خلال عمليات البحث المتقدمة على موقع فيسبوك باستخدام أداة WhoPostedWhat والبحث في بيانات المنشورات للتحقق من الموعد الزمني الدقيق لنشر المحتوى، وعمليات البحث المتقدم على موقع إكس و تيلغرام والتنوع باستخدام محركات البحث على الإنترنت, إضافة لاستخدام Epoch وهي أداة مفتوحة للتحقق من التواريخ الزمنية بشكل دقيق.

    - التحقق من الموقع الجغرافي: تم تحديد الموقع الجغرافي لمخبز المغازي الجديد من خلال البحث على مواقع الصور الصور الصناعية مثل Google maps وGoogle Earth، ومقارنتها مع صور نشرت لمكان الحداثة قبل أو بعد الهجوم.

    - المقارنة: مطابقة ما نشره المستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي من مواد مصوّرة التي أظهرت دماراً قد حل بمخبز المغازي الجديد مع صور حديثة للمكان من الأقمار الصناعية لإضافة طبقة جديدة من التحقق من المواد المتداولة لبعض من الهجمات التي تم نقاشها. أضافة لذلك تم استخدام أداة ImageJ و Google Earth لحساب قياس تقريبي للحفرة التي نتجت عن الهجوم.

كان هذا التحقيق نتيجة لمراحل متعددة من تحليل المعلومات المتوفرة مفتوحة المصدر، والتي وفرت بيانات حول تاريخ ووقت وموقع الحادثة. على الرغم من ذلك، لم يتمكن معد التحقيق من تحديد نوع الذخيرة المستخدمة أو الجهة المزعومة المسؤولة عن الهجمات بناءً على مراجعة كافة المعلومات المتاحة حول الهجوم.


في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي  في قطاع غزة إثر تصاعد الأعمال القتالية الأخيرة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشهد القطاع أزمة غذائية خانقة ونقصًا بالتمويل الغذائي إلى جانب تدمير البنية التحتية ومصادر الغذاء مع تقييد ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

تذكر اليونسيف أن  الوضع المتدهور في قطاع غزة يثير مخاوف بشأن سوء التغذية الحاد والوفيات بشكل يتجاوز عتبات المجاعة، فقد حذر بيان لليونيسف بناءًا على أحدث تقرير للتصنيف المتكامل للأمن الغذائي من" أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يعرض جميع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة لخطر الإصابة بسوء التغذية الحاد والوفاة التي يمكن الوقاية منها".

بالرغم من ذلك كان للمخابز الموجودة في قطاع غزة والتي توفر جزءًا من احتياج المنطقة من الغذاء نصيبًا من التدمير سواءًا بالقصف المباشر أو التضرر والتوقف عن التشغيل، يذكر برنامج الغذاء العالمي أن القصف تسبب بإيقاف العديد من المخابز التي يعمل معها لتوفير الخبز للنازحين في غزة، مضيفًا أن حوالي 2.2 مليون شخص يحتاج الى مساعدات غذائية.   

كان مخبز المغازي الجديد واحدًا من تلك المخابز الذي تعرضت لضرر إثر قصفٍ مباشر  في جنوب وادي غزة والذي جاء يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الأطراف المتحاربة بالقوانين الإنسانية الدولية، خاصة في ضوء توجيهات إسرائيل لسكان غزة بالانتقال إلى الجنوب. 

 يسعى التحليل  بالاعتماد على تحليلات بصرية دقيقة وشهادات ميدانية تم نشرها عبر الإنترنت، لفهم التداعيات الإنسانية والقانونية لهذا الهجوم، وتقييم ما إذا كان يمثل انتهاكًا للقوانين والمعاهدات الدولية الرامية إلى حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية في زمن النزاعات.

عن المخبز

يقع مخبز المغازي الجديد في جنوب وادي غزة وهو الوحيد في المنطقة حسب شهادات المدنيين، حيث يُعد ذو أهمية حيوية كنقطة توزيع رئيسية لإنتاج الخبز  لآلاف العائلات التي تقطن المخيم والنازحين الذين تم تهجيرهم جراء القصف الذي شهدهُ القطاع مؤخرًا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

دُمر المخبز بالكامل  مساءً  في 24 أكتوبر/ تشرين الأول بعد قصفه من قبل الطائرات الإسرائيلية وفقًا لبيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يضيف البيان أنه '' المخبز الوحيد الذي تم تزويده قبل ساعات بالدقيق والوقود من الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) '' ، أكد ذلك أيضًا إفادة  أحمد زيارة أحد العاملين في المخبز والذي ذكر أن الأونروا مولت المخبز بالدقيق والغاز لـ "نبدأ اليوم حسب الإتفاق ببيع الربطة الخبز بأربعة شيكن" لكن القصف حال دون ذلك.

يعيدنا ذلك الى التقرير الـ 13 للأونروا والذي يخبر بالمعلومات حول الوضع الإنساني في القطاع في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ـ اليوم السابق للقصف ، ذكرت الأونروا استمرارها في تزويد المخابز بالدقيق والذي قد سمح بتقديم الخبز للعائلات بنصف التكلفة لثلاثين مخبزًا في القطاع. والذي يعطي إحتمالًا أن يكون المغازي أحد تلك المخابز الثلاثين التي تم دعمها.

ما يؤكد على الدور الضروري الذي كان يلعبه مخبز المغازي في دعم الأمن الغذائي في القطاع. في ظل الظروف البائسة التي يعيشها سكان غزة، كما وصفتها سيندي ماكين، رئيسة البرنامج الغذائي العالمي، فإن فقدان مخبز المغازي يضيف إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة. مع تصاعد النزاع ونفاذ الغذاء والمياه، تُظهر هذه الأحداث الحاجة الماسة للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في أوقات النزاعات.

بدأت الأنباء تتداول حول قصف مخبز المغازي في وقت متأخر من مساء الرابع والعشرين من أكتوبر/ تشرين أول. في تمام الساعة 23:42 بتوقيت القدس، نشرت همس محمد على فيسبوك منشورًا يصف الحادث بأنه "مجزرة في قصف مخبز المغازي". 

للتحقق من الوقت الدقيق وتحديد التوقيت المحلي لبعض البلاغات الأولى عن الحادثة، اُستخرج معرف الطابع الزمني لمنشور همس محمد على فيسبوك باعتباره أول بلاغ عن الحادثة على منصة فيسبوك من خلال فحص البيانات الوصفية لتوقيت المنشور من خلال خاصية Inspect. ثم البحث عن الطابع الزمني داخل بيانات فيسبوك المرفقة للمنشور بالبحث عن عبارة story":{"creation_time يظهر أمامها معرف الطابع الزمني للمنشور.

ومنه يظهر المعرف الزمني لمنشور همس محمد على منصة فيس بوك كالتالي (1698180146). باستخدام أداة EpochConverter لتحويل المعرف إلى توقيت مدينة غزة يظهر أنه نُشر يوم الخميس 24 أكتوبر الساعة 23:42:26 بتوقيت مدينة غزة. 

توقيت الهجوم:

لقطة شاشة لأداة EpochConverter، تظهر الطابع الزمني لمنشور همس محمد على منصة فيسبوك. يناير/ كانون الثاني 2024.

إضافةً الى تحليل الطابع الزمني لأول بلاغ حُللت أيضًا مجموعة من المنشورات على وسائل التواصل الإجتماعي المبلغة عن حادثة قصف مخبز المغازي الجديد ومقاطعتها لفهم التسلسل الزمني للهجوم. بعد دقائق من نشر أول بلاغ على فيسبوك ، نُشر بلاغٌ آخر على قناة الأقصى على تلجرام في الساعة 23:46 عن وصول أربعة قتلى إثر "استهداف مخبز في المغازي"، بعده بدقيقة نشر الصحفي محمود اللوح عبر منشور على التليجرام عن القصف و" نقل عدد من الشهداء والإصابات"، تلاه تحديثآخر بعد دقيقة واحدة يؤكد مقتل 6  نتيجة القصف. توالت التقارير المتقاطعة من وكالة سما الإخبارية والصحفي مثنى النجار التي أكدت الحادث والخسائر البشرية.قبل حوالي دقائق من منتصف الليل، نشر خليل الغفاري، مواطن يقطن في المغازي، على فيسبوك تفاصيل إضافية مشيرًا إلى أن القصف استهدف منزل عائلة البربراوي في سوق المغازي وأدى إلى تدمير مخبز مجاور. وأخيرًا، في الساعة 00:52 من اليوم التالي، وثقت صفحة المغازي الآن على فيسبوك الدمار الشامل الذي لحق بالمخبز والمباني المجاورة ، معلنة عن "دمار كبير طال مخبز المغازي الجديد وبوظة حمادة وعابد للصرافة والعديد من المحلات والمباني السكنية جراء قصف منزل عائلة البربراوي".

يتطابق تقاطع توقيت نشر بلاغات المصادر السابقة مع شهادتين إحداها شهادةأحمد زيارة، أحد العاملين في المخبز المقصوف والذي ذكر في حديثه لوكالة الرأي الإخبارية أن الهجوم حدث عند انصراف العاملين في استراحة بين الساعة العاشرة والثانية عشرة ليلاً ليعودا ويجدوا المخبز مدمراً بالكامل، يدعمها أيضًاشهادة أخرى لمالك المخبز في مقابلة له مع العربي، يذكر المالك أنهم غادروا الساعة التاسعة ليعودوا الساعة الحادية عشرة ليبدأوا بالعمل لأجل اليوم التالي، لكنهم تفاجأوا قبل عودتهم للعمل بعشر دقائق بقصف المخبز بينما كانوا يبعدون حوالي 50 مترًا عنه.


تشكل هذه الرواية إضافة للتحقق من الطابع الزمني ومقاطعة المعلومات ومطابقتها مع شهادات العيان سلسلة متتابعة تكشف عن تسلسل الأحداث، موفرةً سياقًا زمنيًا محتملًا يعكس سرعة تطور الأخبار والاستجابة المجتمعية للقصف الذي استهدف مخبز المغازي وأثره الفوري على السكان المحليين.

التحقق من موقع التأثير وتحليل الدمار:

وثَّق منشور صفحة المغازي الآن على فيسبوك الدمار الذي لحق بالمخبز والمباني المجاورة من خلال صور ليلة يظهر فيها على ما يبدو اللحظات الأولى بعد الهجوم ذكرت الصفحة في عنوان الصور المرفقة أن "دمار كبير طال مخبز المغازي الجديد وبوظة حمادة وعابد للصرافة والعديد من المحلات والمباني السكنية جراء قصف منزل عائلة البربراوي". من خلال البحث عن مخبز المغازي الجديد على منصة يوتيوب، وجدنا مقطع فيديو نشرته قناة الكوفية على المنصة في أبريل/نيسان 2022 أي قبيل عام من تاريخ قصف المخبز، يحتوي على صور تظهر جولة في شوارع مخيم المغازي في غزة. يظهر في هذه الجولة صور لمخبز المغازي الجديد قبل قصفه. ظهر التطابق لواجهة مخبز المغازي في مقطع الفيديو مع  صورة نشرها رامي عبده على موقع إكس يدعي أنها للمخبز قبل الهجوم.

للأعلى لقطة شاشة من مقطع فيديو نشرته قناة الكوفية وللأسفل صورة نشرها رامي عبده تظهران واجهة مخبز المغازي قبل استهدافه. يناير/كانون الثاني 2024.

يعيدنا ذلك للصور الليلية لموقع التأثير التي نشرتها صفحة المغازي الآن عقب الإبلاغ عن الهجوم والتي يتطابق الوصف المرفق معها على المنشور مع لقطات قناة الكوفية على يوتيوب حيث ظهر فيها مخبز المغازي الجديد بجانب مركز عابد للصرافة ومتاجر أخرى في موقع الهجوم.

للأعلى لقطة شاشة من مقطع فيديو نشرته قناة الكوفية وللأسفل لقطة شاشة لمنشور صفحة المغازي الآن الذي أبلغت فيه عن حادثة قصف مخبز المغازي الجديد. يظهر فيها وصف الموقع المتضرر "مخبز المغازي الجديد وعابد للصرافة" والتي تتوافق مع اللقطات الملتقطة للموقع المتأثر.

بالبحث عن موقع التأثر المحتمل عبر خرائط جوجل ، ومن خلال التحليل المقارن لصور الأقمار الصناعية الموجودة على الخرائط للموقع  مع صور مخبز المغازي الجديد قبل الهجوم في الصور التي بثتها قناة الكوفية على منصة يوتيوب إضافة لصور المخبز بعد الهجوم في الصور الجوية التي بثتها قناة الجزيرة مع مطابقة المعالم البارزة ، تم تحديد موقع مخبز المغازي الجديد بدقة حيث يقع في مخيم المغازي بالسوق المركزي في محافظة دير البلح في وسط قطاع غزة عند إحداثية ( 31.42197, 34.38353).

لقطات شاشة للموقع المتأثر، أعلى يسار صورة عبر الأقمار الصناعية من خرائط جوجل تظهر موقع مخبز المغازي الجديد بالمطابقة مع الصورة أعلى يمين صورة حقيقية للموقع قبل الهجوم من فيديو قناة الكوفية. أسفل يسار صورة جوية من قناة الجزيرة للموقع بعد الهجوم تظهر الدمار وبعض المباني البارزة التي تظهر مطابقة الهيئة مع صور الأقمار الصناعية اسفل يمين من خرائط جوجل. يناير/كانون الثاني 2024.

بعد مطابقة موقع المخبز ومعالم الأبنية المجاورة التي تم تحديدها مع معالم موقع التأثير الظاهرة في الصور الجويةالتي نشرتها قناة الجزيرة. يشير التحليل المقارن والذي يظهر أن الحفرة التي خلفها الهجوم كما هو واضح في الصور التي تظهر تأثير الهجوم تقع تماما في موقع المخبز لتعطي إحتمالًا واضحًا أن الهجوم كان مباشراً على المخبز.

في الأعلى لقطة شاشة من خرائط جوجل لصور الأقمار الصناعية لموقع مخبز المغازي الجديد، اسفل صورة مأخوذة من اللقطات الجوية التي نشرتها قناة الجزيرةللموقع المتأثر. مربع أخضر تظهر موقع التأثير جراء الهجوم، دائرة حمراء حفرة نتيجة لاصطدام القذيفة بمبنى المخبز.

كما يُظهر التحليل المقارن للصور الفضائية من يونيو/حزيران 2022 ونوفمبر/تشرين الثاني 2023 تغييرات ملحوظة، حيث توضح الصورة الأولى المخبز سليمًا وجزءًا من البنية التحتية في منطقة كثيفة السكان، بينما تُظهر الصورة الثانية دمارًا واضحًا في المكان الذي كان يشغله المخبز سابقًا بالإضافة للحفرة المتكونة.

صورة متحركة تظهر مقارنة صور الأقمار الصناعية قبل وبعد الحادثة. يمكن ملاحظة الحفرة المتكونة جراء الهجوم.

من خلال التحليل الجغرافي للموقع المتأثر أمكننا تحليل الأضرار وتقدير حجم الدمار وتأثر البنية التحتية التي لحقت بالمنطقة نتيجة للهجوم. يمكن الملاحظة أن المنطقة ذات كثافة سكانية عالية ما يزيد من أهمية المخبز كمصدر أساسي للخبز للسكان المحليين والنازحين على حد سواء.
في الصورالتي نشرتها وكالة الرأي في صفحتها على فيسبوك، التقطها عطية درويش، تُظهر الدمار الواسع الذي لحق بالمخبز والمباني المحيطة به. تُظهر الصور الأنقاض المتراكمة، والهياكل المعدنية المعوجة، والغبار الذي لا يزال يغطي المكان. يمكن ملاحظة أن المباني التي كانت تقف بجانب المخبز قد تعرضت لأضرار بالغة، بعضها انهار كاملًا مع تضرر البعض الآخر.تشير الملامح البصرية المتاحة الى أن القصف كان شديدًا وأن الضربات كانت مركزة، أدت إلى تدمير المخبز بالكامل وأثرت بشكل كبير على البنية التحتية المدنية القريبة.

ألبوم صور للموقع المتأثر بعد الهجوم، المصدر وكالة الرأي.

إضافةً للمقاطع الجوية التي نشرتها قناة الجزيرة التي أظهرت حفرة كبيرة ناتجة عن الهجوم، وهو ما يشير إلى القوة الهائلة للانفجار. هذه الحفرة، التي تشكلت في محيط المخبز والمباني المجاورة، تعكس قوة الضربة ووزن القذيفة المستخدمة وتداعياتها المدمرة على البنية التحتية. يمكن من خلال عمق واتساع الحفرة استنتاج أن السلاح المستخدم كان ذو قدرة تدميرية عالية، ما أضاف إلى خطورة الوضع وتعقيد عمليات الإنقاذ وإعادة الإعمار.

لقطة شاشة من صور جويةنشرتها قناة الجزيرة، تظهر حجم و عمق الحفرة في موقع مخبز المغازي الجديد جراء الغارات التي قصفت المخبز. يناير/كانون الثاني 2024.

إضافة للتحليل السابق للحفرة والدمار الناتج عن الهجوم الذي وصفته المواد المتاحة و إفادات شهود العيان بأنه نتج عن غارة جوية إسرائيلية قصفت المخبز بشكل مباشر وتسببت بأضرار واسعة في موقع المخبز وجواره قمنا بتحليل الحفرة الناتجة عن الهجوم لفهم أوسع للحادثة والذي توصلنا عبره أن حجم الحفرة الناتجة عن الهجوم تقدر بقطر يقارب 13.65 متر، وعمق حوالي 4.86 متر. تم التوصل الى هذا التقييم لحجم الحفرة من خلال استخدام أداة ImageJلقياس الأحجام حيث تم استخدام أحد الأشخاص الظاهرين إلى جانب الحفرة بمعدل وسطي نحو 175 سم كما تظهره الصورة الأولى من أحد المقاطع التي تظهر الحفرة.

لقطة شاشة من مقطع مصور نشرته وكالة وفا على منصة يوتوب، داخل الصورة تم أستخدام أحد الأشخاص كمرجع للقياس باستخدام أداة ImageJ.

لقطتي شاشة من مقطع مصورنشرته وكالة وفا على منصة يوتيوب، داخل الصور يظهر حساب قطر الحفرة بشكل تقريبي ب 13.65 متر، وعمق حوالي 4.86 متر استناداً للمرجع الذي تم إعداده باستخدام أحد الأشخاص بمعدل 175 سم باستخدام أداة ImageJ.

بناءً على استخدام طول الشخص كمرجع للقياس تم تحديد قطر الحفرة تقريبًا بـ 13.65 متر، وعمق حوالي 4.86 متر كما تظهرهُ الصورتين في الأسفل.

للتأكد من صحة هذا التقييم التقريبي قمنا أيضا بحساب قطر الحفرة باستخدام أحد الصور الجوية التي نشرت لموقع الحادثة عقب الهجوم مظهرةً موقع التأثير من خلال تحديد موقع الحفرة على صور الأقمار الصناعية واستخدام أداة القياس المتاحة على أداة جوجل ايرث برو والتي أعطت نتيجة مماثلة للأداة الأولى وهو قطر الحفرة الذي يقارب نحو 13.65 متر.

مقارنة للمكان من خلال لقطة شاشة من أحد الصور التي نشرت لموقع الحادثة عقب الهجوم مع موقع التأثير على صور خرائط جوجل ايرث برو من خلال استخدام مسطرة القياس التي توضح قطر الحفرة بنسبة 13.53 متر بشكل تقريبي.

الجدير بالذكر أن التقييم يعتبر تقييم تقريبي وأن أي تحليل دقيق سوف يتطلب لجان تحقيق مختصة قادرة على الوصول لموقع الحادثة.

في الوقت الحالي، من خلال هذا التقييم المبدئي للحفرة بقطر 13.65 متر وعمق حوالي 4.86 متر الناتجة عن الهجوم، ووفقًا لتقرير خدمات أبحاث الأسلحة (ARES) عن الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، يتضح أن الضرر الناتج عن الذخيرة التي كونت الحفرة في مخبز المغازي يتوافق مع خصائص وآثار سلاح متفجر كبير الحجم ربما 250-500 رطل (باوند)، والذي من المحتمل أن يكون قذيفة غارة موجهة جوًا. إن حجم ونمط الدمار، إلى جانب التحليل التقني للتقرير، يشير إلى احتمالية استخدام سلاح متفجر عالي القوة، ربما تم إطلاقه جوًا (صفحة 49 من التقرير) بشكل يتوافق مع تحليل الدمار وشهادات العيان حول قصف المخبز بغارة جوية اسرائيلية محتملة ما يبرز الحاجة إلى الالتزام الصارم بمبادئ التمييز والتناسب بموجب القانون الإنساني الدولي.

صورة من تقرير خدمات أبحاث الأسلحة (ARES)، تظهر الجداول تحليل قياس الحفرة والدمار على البنية التحتية مقابل وزن القذيفة.

إن هذا التحليل المقارن يخلق صورة واضحة للخسائر المادية والإنسانية التي خلفها القصف، وتعزز من فهم الوضع المأساوي الذي واجهه سكان المخيم في أعقاب الهجوم. تُعتبر الأدلة المرئية والشهادات الشخصية جزءًا لا يتجزأ من التحقق الجغرافي وتحليل الأضرار للتحقيق، ما يوفر فهمًا أعمق للأثر الذي تركه القصف على البنية التحتية المدنية والوضع الإنساني في مخيم المغازي.


الضحايا

أشارت التقارير الإخبارية الأولية للحادثة عن وقوع قتلى وجرحى إثر الهجوم، ثم توالت البلاغات حول ازدياد عدد الضحايا مع مرور الساعات بعد الهجوم. 

في يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول، بعد دقائق من الهجوم، نشر الصحفي مثنى النجار عبر تيليجرام أن الهجوم أسفر عن 5 ضحايا. لكن بعد ٣٥ دقيقة من اول منشور الهجوم أعاد النجار النشر في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، في تمام الساعة 00:17، مؤكداً ارتفاع عدد الضحايا إلى 7، مرفقاً صور تظهر عمليات الإسعاف إلى مستشفى شهداء الأقصى في المنطقة. أظهرت الصور جثث بعض الضحايا مكفنة إلى جانب صور أحد الجرحى " طفل" بينما يتلقى بعض الرعاية الطبية الأولية.

نشر تلفزيون العربي أيضًا تحديثًا مع مراسلهم في المنطقة يتحدث من أمام المستشفى بعد الهجوم، حيث أفاد مراسل تلفزيون العربي بأن الهجوم أدى على الأقل إلى مقتل 7 أشخاص تم انتشالهم من تحت الأنقاض فيما كانت فرق الإنقاذ تحاول العثور على المزيد، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى دون ذكر رقم دقيق. ووصف المراسل حالة بعض الجرحى بالخطيرة وأنهم في حالة حرجة.

في اليوم التالي، ارتفع عدد الضحايا إلى 10 وعدد كبير من الجرحى حسب ما نقلته وكالة الأناضول وأكده ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أكد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان صدر بعد الحادثة، أن الهجوم الذي قصف مخبز المغازي الجديد أسفر عن استشهاد 10 أشخاص وإصابة عشرات الجرحى.

لقطة شاشة لبيان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة على فيسبوك حول حادثة قصف مخبز المغازي الجديد. يفيد البيان سقوط عشرة قتلى وإصابة العشرات. يناير/كانون الثاني 2024.

تأثير القانون الدولي وضرورة التحقيقات المستقلة

في ضوء الهجمات المتكررة على المخابز في قطاع غزة، وخاصة مخبز المغازي الذي قُصف بعد تزويده بالوقود والدقيق من برنامج  الأونروا التابعة للأمم المتحدة، يبرز سؤال جوهري حول الامتثال للقانون الدولي. إذ يُعد استهداف المرافق المدنية مثل المخابز انتهاكًا صريحًا للقوانين الإنسانية الدولية، خاصةً عندما يؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة على المدنيين الأبرياء.يُشير القانون الدولي، وتحديدًا المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، إلى حظر العقوبات الجماعية وكافة أشكال الإرهاب والترهيب، مؤكدًا أنه لا يجوز معاقبة أي شخص محمي لجريمة لم يرتكبها شخصيًا. وتحظر المادة 53 من الاتفاقية نفسها تدمير الممتلكات العامة أو الخاصة، إلا في حالات الضرورة العسكرية المطلقة.أثناء إنجاز هذا التحقيق الذي يوثق حادثة استهداف مخبز المغازي الجديد لاحظنا مواد مرئية تشمل مجموعة هجمات مزعومة لم يتسنى لنا التحقق منها عددها ستة على الأقل بين تاريخ 10 أكتوبر لغاية 1 نوفمبر وهي استهداف مخبز اليازجي في تل الهوا ومخبز الواحة في 10 أكتوبر، مخبز كامل عجور فرع السدرة في 11 أكتوبر وفرع الشيخ رضوان في 16 أكتوبر، ومخبز المغازي في 24 أكتوبر، وأخيرًا مخبز الشرق في جباليا وشارع النصر في 1 نوفمبر. القلق البالغ يتمثل في أن بعض هذه الهجمات كانت موجهة ضد المسعفين الأوائل، ما يعكس تجاهلاً للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي.وفقًا للبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977، تحظر المادة 48 استهداف السكان المدنيين أو الأعيان المدنية كهدف للعمليات العسكرية، بينما تنص المادة 51(2) على حظر أعمال أو تهديدات العنف التي تهدف بشكل أساسي إلى نشر الرعب بين السكان المدنيين. وتُحرم المادة 54(2) من البروتوكول نفسه، الهجمات على الأعيان الضرورية لبقاء السكان المدنيين، مثل المواد الغذائية ومنشآت المياه، لأغراض حرمان السكان المدنيين منها.في هذا السياق، قد تُشكل هذه الهجمات على المخابز في قطاع غزة انتهاكًا واضحًا لهذه الأحكام، حيث تُعتبر المخابز مرافق حيوية للأمن الغذائي وبقاء السكان المدنيين. تعكس هذه الهجمات ليس فقط إهمالًا للواجبات القانونية ولكن أيضًا تجاهلاً للعواقب الإنسانية الخطيرة التي تترتب عليها.بناءً على هذه الحقائق، تبرز الحاجة الملحة لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة لتحديد ما إذا كانت هذه الأعمال تشكل انتهاكات للقوانين الدولية ولضمان محاسبة المسؤولين. يتطلب هذا التحدي تحركات جادة ومتابعة حثيثة من المجتمع الدولي ليس فقط لتحقيق العدالة ولكن أيضًا لضمان حماية السكان المدنيين في المستقبل.