مدارس اللاجئين في غزة تحت النار

يوثق التحقيق الهجمات ضد أربع مدارس في قطاع غزة خلال 72 ساعة في نوفمبر 2023 قد اتخذها المدنيون كملاجئ للنزوح يحلل التحقيق المعلومات مفتوحة المصدر

زهرة القدسي

” منع الهجمات والتهديدات بشنّ هجمات على المدارس وضمان الحماية للمدارس والمدنيّين الذين لهم صلة بالمدارس أثناء النزاعات المسلحة وكذلك في مراحل ما بعد النزاع."
القرار 2601 مجلس الأمن للأمم المتحدة 2021

في قطاع غزة و منذ بداية هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يتخذ المدنيون المنشئات التعليمية" المدارس" ملاجئ للنزوح .

بالرغم من عدم مشروعية شن الهجمات على المدارس، فضلًا عن كونها ملاجئ للنازحين فإنه

حتى ٢٧ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٣ تضرر أكثر من 200 مبنى مدرسي في قطاع غزة، أي ما يعادل 40% من إجمالي المباني المدرسية الموجودة في القطاع، وقد تعرض أربعون مبنى تقريبا إلى أضرار بالغة حسب بيانات منظمة اليونيسف.

منشآت الأونروا التي تستخدم كملاجئ تستوعب أكثر من أربعة أضعاف سعتها المقصودة الآن.

"في كافة أرجاء قطاع غزة، ينبغي أن تكون هذه الملاجئ ملاذا آمنا، تحت علم الأمم المتحدة. إن القانون الإنساني الدولي لا يدع مجالا للشك في وجوب حماية المدنيين والمرافق المدنية"

حتى 21 تشرين الثاني، فإن ما يقرب من مليون نازح يقيمون الآن في 156 منشأة تابعة للأونروا في كافة محافظات قطاع غزة الخمس، بما في ذلك الشمال.

لكن خلال الأيام الأولى من نوفمبر/ تشرين الثاني،

اربع من هذه المدارس تعرضت لهجمات مباشرة مخلفةً ضحايا معظمهم نازحين.

قُصفت الأربع المدارس التابعة للأونروا في أربع مواقع مختلفة في شمال قطاع غزة خلال الـ72 الساعة ابتداءً من صباح الثاني الى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني .

في 2 نوفمبر/تشرين الثاني نشر الصحفي أحمد حجازي على صفحته على انستغرام مقاطع فيديو لهجوم على مدرسة في مخيم الشاطئ.

كان الدخان الأبيض وتساقط القنابل واضحًا في مقاطع الفيديو. "فسفور ..فسفور على مدرسة الوكالة" يقول الصحفي.

دخان القذائف جعل من الصعب تحديد الزمن الدقيق لحدوث الهجوم عبر تحليل الظل، لكن أمكن وضع زمن محتمل للهجوم بين 7:54 صباحًا -أول ناشر للخبر- و 8:53 وقت نشر فيديو يوثق الهجوم بالتوقيت المحلي لمدينة غزة.

شكل انفجار القنابل في الهواء، والدخان المتصاعد منها، بالإضافة للجروح المتكونة على أجساد الضحايا جميعها تظهر ان الجيش الإسرائيلي استخدم قنابل فسفور دخانية في هجومها على مدرسة أبو عاصي.

لم تكن المرة الأولى التي يستخدم فيها الجيش الإسرائيلي قذائف الفسفور بانواعه ضد المدنيين في سياق الحرب الأخيرة على غزة.

في أكتوبر/تشرين الأول، وثَّقت منظمة العفو الدولية استخدام الجيش الإسرائيلي لقذائف الفسفور التي يتم اطلاقها من خلال المدفعية في المناطق المدنية المكتظة بالسكان في غزة، والتي اعتبرت بعضها هجمات لا تميّز بين المدنيين والعسكريين، وبالتالي غير قانونية.

لم يكن قصف مدرسة ذكور الشاطئ الوحيد في صباح الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني،

بل قُصفت في نفس الصباح أيضًا مدرسة أبو حسين بهجوم منفصل في مخيم جباليا.

شهادة إحدى الناجيات من قصف المدرسة، مقابلة عبر وكالة وفا.

كان أول بلاغ للحادثة على منصة إكس "تويتر سابقًا" الساعة 9:54 صباحًا بتوقيت مدينة غزة

من خلال فيديو نشرته وزارة الداخلية الفلسطينية على تلغرام للحظات الأولى بعد الهجوم امكن تحديد التوقيت المحتمل عبر تحليل اتجاه الظل.

يمكن تقدير وقت الهجوم بين 9:10 - 9:54 صباح يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني بالتوقيت المحلي لمدينة غزة، تسبب الهجوم في مقتل ما لا يقل عن 20 شخصًا وإصابة خمسة آخرين وفقًا للأونروا كما تعرضت المدرسة لأضرار.

بالعودة للمحتوى البصري والشهادات للأفراد يمكن ملاحظة أن الذخيرة سقطت على الساحة المقابلة لبوابة المدرسة من الداخل. في شكل تشظي واسع النطاق خلافًا لما هو معتاد مسببةً في سقوط عدد من الجرحى والقتلى.

تظهر المؤشرات بناءً على شهادات والمحتوى البصري المتاح أن الهجوم كان بصاروخ أطلق عبر طائرة بدون طيار إسرائيلية.

وثقت منظمة العفو الدولية سلاحًا غير معرف المنشأ استخدمه الجيش الإسرائيلي في غزة والذي أعطته اسم "قنيبلات على شكل مكعبات" تطلقه طائرات دون طيار.

والذي يتوافق نسبيًا مع حجم الضرر المتكون في عدد من الاصابات، هذه الإصابات لم تكن عبارة عن بتر بعض الأعضاء وإنما ظهرت معظمها بجروح ونزيف كثيف، أي ربما يؤكد ذلك استخدام هذا النوع من الصواريخ.

لم تتوقف الهجمات عند هذا الحد، ففي مساء اليوم التالي أي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، قُصفت مدرسة أخرى تابعة للأونروا كانت مزدحمة بالنازحين.

عند تتبع السياق الزمني لنشر البلاغات حول حادثة قصف مدرسة أسامة بن زيد، يمكن تقدير الوقت المحتمل للهجوم بين 19:27 - 20:22 بالتوقيت المحلي لمدينة غزة.

صُور الموقع المتضرر ليلًا ومن زاوية واحدة بإتجاه يمكن تحديده من المدخل الى الساحة الداخلية لمبنى المدرسة.

عند جمع تلك لقطات من المحتوى المتاح ومقارنته بصور حقيقية قديمة للمبنى بالإضافة لصور الأقمار الصناعية أمكننا بناء صورة افتراضية كاملة للموقع المتضرر لتسهل الرؤية وتقدير الضرر.

ساعدت الصور القديمة المنشورة على صفحة المدرسة على فيسبوك في رسم الملامح الرئيسية للبناء الافتراضي للمدرسة قبل الهجوم. والذي بالطبع كان مطابقًا للمحتوى المنشور بعده.

تحذير الفيديو يحتوي على مشاهدة عنيفة

بالنظر للصور والفيديوهات المنشورة بعد الحادثة، أمكن تقدير التأثر وتمثيله افتراضيًا أيضًا.

ظهور الفجوة على جدار أحد الفصول وتأثر الجدار المقابل لاصطدام القذيفة بشكل واضح.

من خلال تحليل الضرر، قد تكون تعرضت المدرسة لقصف مباشر بمقذوف عيار 122 ملم، قوة دفع ارتطام المقذوف بجدار المدرسة دفعت بعض الجثث والشظايا في دائرة قطرها 10 أمتار

لم يقف الحد هُنا

ففي صباح اليوم التالي من قصف مدرسة أسامة بن زيد، تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بلاغات عن قصف جديد يستهدف مدرسة أخرى تابعة الأونروا.

كان ذلك الهجوم على مدرسة الفاخورة بمخيم جباليا.

يمكن تقدير وقت الهجوم بين 9:40 و 10:00 صباح يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، أدى الهجوم لمقتل 15 وإصابة 70 آخرين وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية/غزة.

يظهر المحتوى البصري تضرر سقيفة مبنى المدرسة مع تضرر بعض أنابيب توصيل المياه والذي يفسر تساقط المياه عبر الفتحة التي ظهرت في سقف أحد الفصول المتضررة

بناءً على تحليل المحتوى البصري وأتجاه قدوم القذائف، يمكن الاستنتاج أن الهجوم ربما كان بعدد من القذائف المدفعية الإسرائيلية

بعضها أصاب الجزء الخلفي للمدرسة "موضع إعداد الطعام والخبز للنازحين"، وقذائف أخرى أصابت مبنى المدرسة مكونة فجوات على سقف أحد الفصول الدراسية المستخدمة كملجأ للنازحين ، وأخيرًا قذائف سقطت على الساحة الداخلية " أصابت إحداها خيمة أحد النازحين".

أُعيد الهجوم على مدرسة الفاخورة وأيضًا مدرسة أبو حسين بعد أيام في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023 والذي تسبب بأضرار كبيرة في الأرواح والمباني.

لم يتناول التحقيق أي من الحادثتين الأخيرة، وإنما ركز التحقيق على الاربعة هجمات في الأيام الأولى من نوفمبر/تشرين الثاني وخلص إلى نتائج تُدين الهجمات المباشرة على أربع مدارس تتبع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تأوي النازحين باعتبارها ملاجئ آمنة لهم.