تفجير منازل الخصوم في اليمن، نهج أم أفعال فردية! تحقيق حول تفجير منزل وتضرر آخرين في رداع بمحافظة البيضاء.
سـلام الناطور
4/10/2024
بينما تستمر الأزمة الإنسانية في اليمن باعتبارها الأسوأ في العالم، ومع ازدياد أعداد الهجرة والنزوح، حيث تذكر منظمة العفو الدولية أنه تم "تهجير قرابة 4.56 مليون نسمة بفعل النزاع، بالإضافة لوجود أكثر من 70,000 لاجئ وطالب لجوء بناءً على أرقام مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين"، تستمر أطراف النزاع في ارتكاب الفظاعات تجاه المدنيين في اليمن.
في 19 مارس/آذار 2024م تداولت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي أخبارًا حول تعرُّض منزل في حارة الحفرة بمدينة رداع في محافظة البيضاء للتفجير من قبل جماعة أنصار الله "الحوثيين"، أدى تفجير المنزل إلى تهدُّم منازل أخرى في محيطه، مؤديًا إلى سقوط قتلى وجرحى إثر الحادث.
لم يكن الحادث الوحيد الذي تتورط فيه أجهزة رسمية تابعة للحوثيين في تفجير منازل سواءً كانت لمدنيين أم تابعة لبعض خصومهم، بالرغم من ذلك اعترفت الجماعة بمسؤولية متورطين في حادثة رداع الأخيرة وإحالتهم للمحاكمة وجبر الضرر للمتضررين، والذي لم يكن في الحوادث المسجلة السابقة، لكن تستمر المطالبات بضرورة إنهاء محاسبة المسؤولين وجبر الضرر، وأن تخضع الحوادث الأخرى السابقة الموثقة أيضًا للتحقيقات المستقلة والحد من إفلات مرتكبيها من العقاب.
عـن الـمـنـطـقـة:
مدينة رداع، وهي إحدى المدن التابعة لمحافظة البيضاء إحدى المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثيين. تبلغ مساحة المدينة حوالي 306 كم2 من مساحة المحافظة. تُعرف مدينة رداع بمبانيها التاريخية، فهي المدينة اليمنية القديمة التي تشتهر بالعديد من المعالم التاريخية مثل قلعة رداع المعروفة أيضًا بقلعة الملك الحميري "شمر يهرعش"، والمساجد والمدارس التاريخية مثل مدرسة العامرية، ومدرسة البعدانية، ومدرسة البغدادية وغيرها.
صورة ملتقطة من موقع liveuamap لمدينة رداع في محافظة البيضاء وسط اليمن.
شهدت محافظة البيضاء تغيرات كثيرة في المشهد الجيوسياسي، حيث كانت المحافظة واقعة تحت سيطرة تنظيم القاعدة لعقود من الزمن، والتي باتت "مركزاً لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب" حد وصف أحد الباحثين في مركز صنعاء للأبحاث بعد انسحابها من أبين في 2017م. لكن في سبتمبر/أيلول 2021م أعلنت جماعة الحوثيين سيطرتها الكاملة على محافظة البيضاء بعد معارك دارت مع تنظيم القاعدة آنذاك.
عـن الـحـادثـة
ادعت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تفجير منزل في مدينة رداع في محافظة البيضاء وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين، أول بلاغ للحادثة قادنا إليه البحث المعمق على إكس كان لحساب يعرِّف نفسه أنه "سياسي يمني"، يُدعى "عميد بن صلاح | 𐩱𐩡𐩲𐩣𐩺𐩵" الساعة 07:49:28 صباح يوم الثلاثاء 19 مارس/آذار 2024م بالتوقيت المحلي لليمن، والذي كتب منشورًا حول انفجارات واشتباكات في مدينة رداع، مستفسرًا بسؤال: "من يأكد لنا الخبر؟"
اختلفت سرديات الادعاءات حول سبب إقدام الحوثيين على تفجير المنزل، كتب حساب الإعلامي "سالم المصعبي" أنه قبل قرابة عام قُتل شقيق "عبدالله إبراهيم الزيلعي" والذي يُدعى "سيف" على يد صِهر أحد المشرفين، حيث تقدم الزيلعي بشكوى للدولة من أجل محاسبة القاتل ولكن الأخيرة أحالت الحادثة كقضية ثأر قَبَليَّة دون محاسبة. ولكن في اليوم الذي سبق التفجير تعرّف عبدالله الزيلعي على قاتل أخيه على متن أحد الأطقُم العسكرية، فقام بقتله، بالإضافة إلى قتل شخص آخر وجرح اثنين من أفراد الطقم. وعلى ضوء ذلك تحركت حملة أمنية لملاحقة الزيلعي إلى حارة الحفرة حيث تقطن عائلة آل الزيلعي، ولكن صادف أن "عبدالله الزيلعي" لم يكن في المنزل وقد غادر المديرية، لذلك في اليوم التالي وجّه مدير أمن رداع بالإضافة لأحد المشرفين بإفراغ المنزل من ساكنيه وتفجيره، وحدث التفجير.
بينما تذكر سردية "نصر الدين عامر" نائب الهيئة الإعلامية للحوثيين، أن الحادثة لها أبعاد قَبَليّة، وحساسية مناطقية قديمة، حيث تمت تصفية حسابات داخل هذا البُعد لكن باسم الدولة، حيث قُتل أفراد من الأمن قبل الحادثة، فتجاوزوا من أنفسهم وفتّشوا المنزل -الذي كان فارغًا- وقاموا بتفجيره. مضيفًا أن العمل غير مُبرَر له، وسيخضع كل المتورطين للمحاكمة والمحاسبة.
تناقلت الحسابات فيديوهات ولقطات لموقع الحادثة مشيرةً إلى تهدُّم منازل أخرى بجانب منزل "إبراهيم الزيلعي" إثر التفجير.
أكد مركز القاهرة للدراسات بعد تحقيقه ومقابلاته مع شهود عيان أن التفجير كان صباحًا عند الساعة 06:30، ما أدى إلى انهيار المنزل وإلحاق أضرار جسيمة بخمسة منازل أخرى. مضيفًا أنه تلَقَّى "قائمة بأسماء تسعة أشخاص قتلوا خلال الهجوم، من بينهم طفلين وثلاث سيدات، وجميعهم من نفس العائلة. وأصيب سبعة أشخاص على الأقل في الهجوم".
فيما ذكرت شبكة إيجاز الإخبارية في منشور لها على منصة إكس، أن الحوثيين فجّروا منزل آل ناقوس وغرفة مجاورة تابعة لهم في حارة الحفرة وسط مدينة رداع محافظة البيضاء، مضيفًا أن منزل "آل اليريمي" المجاور لبيت ناقوس انهدم على رؤوس ساكنيه.
يذكر أيضًا الشاعر منير الرماح في فيديو نشره على قناته وهو يزور منطقة الحادثة حول تهدُّم منزل "الخلبي" ومنزل "الزيلعي" وتضرر منزل "الفيه" أيضًا. فيما نشرت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات ومنظمة مساواة للحقوق والحريات أسماء القتلى والجرحى بالإضافة لأسماء المنازل التي أقدم الحوثيين على تفجيرها وهي:
1.منزل محمد اليريمي.
2.منزلان لإبراهيم الزيلعي.
3.منزل علوي المجاهر.
4.منزل آل ناقوس.
5.منزل المواطن أحمد خلبي.
6.منزل المواطن صالح هادي.
7.منزل آل الفيه.
بعد مقارنة ورصد الأخبار المنشورة حول الحادثة منها تقرير منظمة مساواة للحقوق والحريات، ومنشور الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بالإضافة لصور ملصقات منشورة في دعوة لتشييع الجثامين من عائلة سعد اليريمي، يمكن تقدير ضحايا التفجير بـ 18 شخص بين قتيل وجريح. منهم 16 شخصًا وُثِّقت أسماؤهم. كما أشارت التقارير إلى اختطاف أحد الجرحى وهو "علي أحمد الخلبي" من قبل جماعة أنصار الله الحوثيين بينما هو في حالة خطرة.
لقطة شاشة أول بلاغ عن الحادثة على إكس لمنشور عميد بن صلاح ، مكتوبٌ عليه "ايش فيه في #رداع تفجير واشتباكات من يأكد لنا الخبر؟". يسار: تحليل الطابع الزمني للمنشور، نُشر في الساعة 07:49:28 صباح يوم الثلاثاء 19 مارس/آذار 2024 بالتوقيت المحلي لليمن.
تلاه بدقائق منشور لحساب آخر يدعى "بيضاني وأفتخر" يذكر حدوث "جريمة في رداع من قبل الحوثي حيث قام بتفجير بيت بساكنيه من النساء والأطفال". كان النشر الساعة 07:57:38 بتوقيت اليمن.
عاود حساب "عميد بن صالح" نشر تحديث حول الحادثة بعد حوالي عشر دقائق من نشر أول بلاغ، ذاكرًا أنه كان تفجيرًا لمنزل الزيلعي بمدينة رداع في محافظة البيضاء، مرفقًا المنشور بفيديو يظهر فيه دخان تفجير ومدرعة عسكرية بالإضافة لمسلحين -قد يكونون جنودًا- وهم يرددون الصرخة، وهو شعار يرددونه جماعة الحوثيين دائمًا في محافلهم الجماعية.
لقطة شاشة ثاني بلاغ عن الحادثة على إكس لمنشور بيضاني وافتخر، مكتوبٌ عليه "عاجل جريمة كبرى يرتكبها #الحوثي صباح اليوم في #رداع حيث قام بتفجير بيت بساكنيه من النساء والأطفال !! سنورد لكم باقي التفاصيل". يسار: تحليل الطابع الزمني للمنشور، نُشر في الساعة 07:57:38 صباح يوم الثلاثاء 19 مارس/آذار 2024م بالتوقيت المحلي لليمن.
الـمـوقـع الـجـغـرافـي:
ذكرت العديد من المصادر على مواقع التواصل الاجتماعي أن التفجير كان في حارة الحفرة في مدينة رداع بمحافظة البيضاء. ضيّق هذا الوصف نطاق البحث عن الموقع الجغرافي لمكان الحادثة. كما نشرت حسابات مواد بصرية متعددة اختلفت بين فيديوهات التُقِطَت بعد حدوث الهجوم مباشرة أو بعد مرور أيام.
نشر حساب المصورة الفوتوغرافية جهاد محمد قصة مصورة على منصّة إنستجرام، في اليوم التالي من تاريخ الحادثة 20 مارس/ آذار 2024م الساعة 19:43:09 فيديو ملتقط من على أحد المباني المقابلة للمنطقة التي تم تفجيرها، يظهر حجم الدمار والمساحة المنهارة من البيوت المجاورة للمنزل الذي تم تفجيره. كتبت جهاد على الفيديو أن المنزل الذي تم تفجيره يقع أمام بيت جدها في رداع شارع الحفرة.