حكاية ركام مسجد غزة العمري ومحو الإرث الفلسطيني الأثري

صورة من تصوير براء النجار تظهر الدمار الذي حل بالمسجد العمري في جباليا بمدينة غزة نشرت بتاريخ 20.10.2023 الساعة 9:52 على حسابه على موقع فيس بوك

تتعاظم المخاوف بشأن الآثار المترتبة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة على الإرث الحضاري والتاريخي الفلسطيني، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والتي أدت إلى مقتل أكثر من عشرة آلاف مدني، منذ تشرين الأول/أكتوبر حتى وقت كتابة هذا التقرير - أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن، بأعداد تصل إلى 4237 طفلًا و2719 امرأة و631 مسناً حسب المصدر. تتضاعف هذه المخاوف خصوصاً مع استهداف المتاحف والكنائس والمساجد، حيث أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بتدمير الجيش الإسرائيلي 56 مسجدًا كلّياً، و136 مسجدًا جزئياً، و3 كنائس، منذ بدء العمليات العسكرية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.

يحلل هذا التحقيق حادثة استهداف المسجد العمري في جباليا، وهو موقع تاريخي راسخ قد يعود بناؤه إلى العصور الوسطى. تفيد المصادر بأنّ المسجد تعرّض لقصف مدمّر في فجر العشرين من أكتوبر، أدى إلى تهدّمه بشكل شبه كامل، باستثناء مئذنته التي بقيت قائمة. مع ذلك، فقد تمّ قصف المئذنة لاحقاً بعد ثلاثة أيام حسب الادعاءات المتوفّرة، ممّا أسفر عن دمار المسجد بأكمله. يوضح التحقيق أيضاً الخلط الشائع الذي وقعت فيه بعض وسائل الإعلام، والتي أخطأت في الإشارة إلى المسجد العمري الكبير في حي الدرج على أنه الموقع المستهدف، وهو ما نسعى إلى تصحيحه في هذا التقرير، بتقديم التفاصيل الدقيقة وتحليل المعلومات مفتوحة المصدر حول الحادثة.

عن المسجد المستهدف (المسجد العمري في جباليا)

يعدّ المسجد العمري الواقع في جباليا، أحد أبرز المعالم الإسلامية في شمال قطاع غزة. يتمتّع هذا المسجد، الذي يُشار إليه في الدليل الأثري "غزة بوابة الشام"، بتاريخ غني يعود إلى العصر المملوكي كما يذكر الدليل. تتميز مئذنته ثمانية الأضلاع بعناصرها الزخرفية المميزة، وهو ما يبرز أهميته العمرانية والثقافية. في الآونة الأخيرة، تعرّض المسجد للدمار الشامل. في الفصول التالية من هذا التحقيق، سنقوم بتحليل الهجمات التي تعرّض لها هذا المسجد.

صورة من الدليل يحوي معلومات عن المسجد العمري في جباليا

استناداً إلى صور الأقمار الصناعية والصور التي تداولها ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، استطعنا تحديد الموقع الدقيق للمسجد العمري في جباليا الذي تعرّض لأضرار بالغة كما يتّضح في الصور. تعرض الصور أدناه بوضوح موقع المسجد وتوضح حجم الدمار الذي لحق به.

التحديد الجغرافي للمسجد العمري في جباليا

الصورة لليمين من تصوير براء النجار تظهر الدمار الذي حل بالمسجد العمري في جباليا بمدينة غزة نشرت في تاريخ 20.10.2023 والصورة لليسار من موقع alfalahpal.com.

بعد تصاعد التوترات في قطاع غزة الذي شهد عمليات عسكرية متعددة منذ السابع من أكتوبر، وردت أنباء عن استهداف المعالم الدينية. يوم الجمعة، 20 أكتوبر، الساعة 2:48 فجراً، نشر حساب "جباليا الآن" الإبلاغ الأول عن استهداف المسجد العمري في جباليا، تلاه إعلان وزارة الداخلية الفلسطينية عبر حسابها على تلغرام في الساعة 3:04 فجراُ. ومن ثم، أفادت مصادر إخبارية مثل وكالة الأناضول في الساعة 3:31 بأنّ غارات جوية إسرائيلية أدّت إلى تدمير المسجد العمري في جباليا بمدينة غزة.

الاستهداف الأوّل للمسجد

لقطات شاشة تظهر التبليغات الاولى عن الحادثة

في صباح اليوم نفسه، ومع طلوع الفجر في الساعة 8:10 بتوقيت القدس، نشر الناشط محمد فرح صوراً في حسابه يوثّق فيها الأضرار التي لحقت بالمسجد العمري، جرّاء القصف الذي استهدف المنطقة. تُظهر الصور الملتقطة عند طلوع الشمس حجم الدمار الذي حلّ بالمسجد في جباليا بمدينة غزة. بعد ذلك بوقت قصير، في الساعة 8:58، قام حساب "جباليا الآن" على تلغرام بمشاركة مجموعة أخرى من الصور تُظهر الأضرار الشديدة التي أصابت المسجد العمري بشكل أوضح.

ألبوم صور للحظات الاولى بعد الهجوم

التحقق الزمني والجغرافي :

في إطار التحقيق، تمّ إجراء التحقق الزمني والمكاني للصور المتداولة، التي تُظهر الدمار الذي أصاب المسجد العمري في جباليا. استخدمنا صور الأقمار الصناعية والتحليل الجغرافي لتحديد الموقع الدقيق للمسجد، مستعينين بالعلامات البارزة والمعالم المحيطة كمرجع. بالإضافة إلى ذلك، تمّ تحليل موقع الشمس الظاهرة في الصور ومقارنتها ببيانات موقع الشمس لتقدير الوقت الذي التُقطت فيه الصور. تمّ تحديد توقيت الصور الملتقطة للمسجد العمري في جباليا من خلال مطابقتها مع بيانات مسار الشمس للمنطقة. وفقاً للبيانات المرفقة بالصورة تمّ تسجيل شروق الشمس في غزة في ذلك اليوم في الساعة 06:23 صباحاً. باستخدام هذه المعلومات، قدّرنا أنّ الصور التي تُظهر الدمار التقطت بعد حوالي ساعة واحدة من الشروق، أي حوالي الساعة 07:30 صباحاً حيث تُظهر الصور موقع الشمس في موقع يتوافق مع الوقت المُقدّر لالتقاطها، مما يُعزّز من دقة البيانات الزمنية للحادث.

صورة من موقع SunCalc تظهر موقع الشمس ومسارها حوالي الساعة 7:30 صباحًا في تاريخ الحادثة 20 أكتوبر عند موقع المسجد

عند الساعة 8:28 صباحاً بتوقيت مدينة القدس، نشر إبراهيم الحرثاني مقطع فيديو على موقع فيسبوك يُظهر الدمار الذي لحق بالمسجد العمري، ويُعتقد أن هذا الفيديو هو الأول الذي يوثق الأحداث بعد القصف. مع حلول الساعة 10:08 صباحاً، شارك محمد النجار في فيسبوك فيديو آخر، يُظهر الدمار الشامل الذي أصاب كافة مساحة المسجد، بما في ذلك قبته الخضراء المميزة.


في اليوم الذي تلا الحادثة، الموافق 21 أكتوبر 2023، شارك حساب Talla Rim مقطع فيديو في فيسبوك يوثق الأضرار التي لحقت بالمنازل المحيطة بالمسجد العمري. ما يستحق الإشارة هو التعليق الذي أدلى به ناشر الفيديو، حيث أشاد بصمود المئذنة التي ظلت قائمة على الرغم من القصف، وهو ما تعكسه الصور المتداولة للمسجد بعد الهجوم.

صورة نشرها عيسى شهاب على منصة فيسبوك يوم 20.10.2023 تظهر مئذنة المسجد العمري في جباليا بمدينة غزة لم تتأثر نتيجة الاستهداف الأول .

الاستهداف الثاني :

بعد مرور ثلاثة أيام على استهداف المسجد العمري في جباليا، وبالتحديد في الثالث والعشرين من أكتوبر، نشر حساب "جباليا الآن" على تلغرام في الساعة 16:32 بتوقيت مدينة القدس، خبراً يفيد بأن طائرات إسرائيلية نفّذت غارة جديدة استهدفت مئذنة المسجد العمري، والتي بقيت قائمة عقب القصف الأوّل في العشرين من أكتوبر. بعد حوالي نصف ساعة من الإبلاغ الأوّل، عند الساعة 17:06، نشرت وكالة "الرأي" عبر تلغرام صورة توضح أنّ المئذنة التي كانت قائمة عقب الهجوم الأوّل، انهارت، ما حوّل المسجد إلى كومة من الأنقاض. أفادت الوكالة أن ضحايا فلسطينيين سقطوا قتلى وجرحى جراء هذا الاستهداف الثاني.

بعد مرور ساعات على الغارة الجوية التي استهدفت المئذنة، أصدرت وكالة "سما" الإخبارية بيانًا عبر تلغرام أوضحت فيه هوية بعض ضحايا الهجوم. وفقًا للبيان، تمّ التعرّف على المواطن محمد ياسر دردونه وابنه كضحايا تمّ انتشالهما من تحت الأنقاض. ومع ذلك، لم تُقدّم الوكالة تفاصيل إضافية بشأن أسماء أو حالات الجرحى الناجمة عن الغارة الإسرائيلية.

تحليل الأضرار :

استناداً إلى التحليل الدقيق للصور ومقاطع الفيديو، تكشف المعطيات عن حجم الدمار الشامل الذي أصاب المسجد العمري في جباليا. تُظهر الصور بوضوح تدمير المسجد بشكل كامل. لم تسلم الأبنية المجاورة أيضاً من الضرر، حيث تظهر آثار القصف العنيف على الهياكل السكنية والتجارية. يُشير الحطام المتناثر إلى قوّة الانفجارات، كما أنّ تجمُّع السكان حول الأنقاض يُظهر حجم التأثير النفسي والاجتماعي للحادث.


تظهر صور الأقمار الصناعية توثيقاً دقيقاً للحالة قبل الهجوم الذي تعرّض له المسجد العمري في جباليا وبعده. تُظهر الصورة الملتقطة في 17 أكتوبر المسجد قبل الحادث، وهو في حالته المعتادة من دون أضرار. أمّا الصورة الملتقطة في 21 أكتوبر، فتُظهر الدمار الذي أصاب المسجد، ممّا يُعزّز الأدلة والصور المنشورة التي تشير إلى وقوع الاستهداف في العشرين من أكتوبر. هذا التحليل البصري يُعدّ خطوة مهمّة في سلسلة الإجراءات التحقيقية، ويُساهم في تأكيد الأحداث التي أوردتها التقارير المتعلّقة باستهداف المسجد العمري في جبال

تصحيح الروايات

في ظلّ تطوّرات العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، غالباً تنتشر في الإنترنت معلومات خاطئة، بما فيها الأخبار الزائفة والمضلّلة والبروباغندا. بعد استهداف المسجد العمري بجباليا، انتشرت معلومات خاطئة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتقد البعض أنّ المسجد العمري الكبير في حي الدرج هو الذي تعرّض للقصف، مُرفقة بصور لهذا المعلم الأثري. نؤكد في هذا التحقيق أنّ المسجد العمري الكبير في حي الدرج هو مسجد مختلف عن المسجد العمري الذي تعرّض للهجوم في جباليا، وكلاهما يتمتع بقيمة تاريخية، إذ يُعتقد أيضاً أن المسجد المستهدف في جباليا يعود تاريخ بنائه إلى عصر المماليك.

لم تقتصر حالات الخلط ونشر المعلومات المغلوطة على مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، بل تعدّتها إلى بعض المواقع الإخبارية التي ساهمت في ترويج الأخبار الخاطئة. على سبيل المثال، قام موقع "ميغافون" بنشر خبر عبر تويتر يُشير إلى أنّ إسرائيل قصفت المسجد العمري الكبير، وأرفَق مع الخبر رسماً توضيحياً يحتوي على معلومات جغرافية وتعريفية خاطئة، إذ يُظهر الرسم الواقع في حي الدرج ويربطه بالمسجد العمري في جباليا. يبرز هذا الخطأ أهمية التحقق من المصادر والتدقيق في الحقائق قبل نشر المعلومات، خصوصاً في سياق النزاعات.

تظهر الصورة في الأعلى المسجد العمري الكبير وموقعه على الخرائط ( 31°30'14.56"N 34°27'52.96"E) وتظهر الصورة في الأسفل المسجد العمري في جباليا وموقعه على الخرائط ( 31°31'32.26"N 34°29'2.27"E).

أثناء إجرائنا البحث، لم نعثر على أيّ أدلّة بصرية تُؤكد استهداف المسجد العمري الكبير في حي الدرج بمدينة غزة. يظل تركيز التحقيق محصوراً في الأحداث المتعلقة بالمسجد العمري في جباليا، شمال مدينة غزة، حيث تم توثيق الهجمات وتأثيرها على هذا الموقع التاريخي.

استهدافات سابقة

تُشير التحقيقات إلى أنّ القصف الذي تعرّض له المسجد العمري في جباليا في العشرين والثالث والعشرين من أكتوبر لم يكن الأوّل. توثق السجلات استهداف المسجد في الماضي، بما فيها حادثة وقعت في العشرين من آب/أغسطس لعام 2014، حين تعرّض المسجد لغارات جوية أسفرت عن دمار واسع النطاق، كما يُظهره الأرشيف البصري. كما أدت الغارة في ذلك اليوم إلى مقتل مؤذّن المسجد وإصابة عدد من الأشخاص. يعود أقدم توثيق مرئي للمسجد، والذي تمّ العثور عليه على فيسبوك، إلى العام 2013، يُظهره قبل تعرّضه لتلك السلسلة من الاستهدافات.

صورة نشرها Ashraf Alashqar على منصة فيسبوك تظهر الدمار الذي حل بالمسجد العمري بجباليا جراء الغارة الإسرائيلية بتاريخ 02.08.2014.

إعادة بناء المسجد

بعد مرور عام على الغارات على المسجد العمري عام 2015، بدء بعض أهالي المنطقة مبادرة لإصلاح وترميم أجزاء من ملحقات المسجد التي تضرّرت، وذلك بتمويل ذاتي. على الرغم من هذه الجهود، ظل الجزء الرئيسي من المسجد مدمراً ومهجوراً، وأبوابه مغلقة أمام المصلين لسنوات عديدة.

2015

2017

في عام 2017، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تدفّقًا لمشاعر الفرح والتفاؤل من قبل سكان المدينة، وذلك عقب الإعلان عن بدء مرحلة إعادة الإعمار للمسجد العمري. تُظهر الصور المشاركة عبر هذه المنصات تقدّم أعمال الترميم والبناء، ممّا أعطى الأمل في إعادة الحياة لهذا الصرح التاريخي.

2019

في عام 2019، شهد المسجد العمري حفل إعادة افتتاحه الرسمي، وفقًا لما أظهرته الصور التي تم نشرها. تم تمويل عملية البناء بالكامل من قبل أهالي المدينة، حسبما أشارت المصادر قبل أن يتعرّض المسجد مجدّدًا للهدم في الهجمات التي وقعت في أكتوبر من العام الجاري، ممّا أضاف فصلاً جديدًا إلى تاريخ هذا الموقع.

المعاهدات والتصريحات الدولية بشأن استهداف المسجد العمري


في ضوء الأحداث الموثّقة حول استهداف المسجد العمري، تُثار تساؤلات حول الالتزام بالمعايير الدولية لحماية الأملاك الثقافية في حالات النزاع المسلح. تنصّ اتفاقية لاهاي لعام 1954، والبروتوكولات الملحقة بها، على ضرورة حماية الممتلكات الثقافية، بما في ذلك المواقع الدينية، من الدمار والتخريب. يُعتبر استهداف هذه الأماكن، شريطة أن تظلّ خارج نطاق الاستخدام العسكري، انتهاكًا لهذه الاتفاقية. وبموجب القانون الدولي، فإنّ الهجمات على الأهداف التي لا تُشكّل أهدافًا عسكرية والتدمير المتعمد للتراث الثقافي يُمكن أن يُعتبرا انتهاكات قد تستدعي مزيدًا من التحقيق والمساءلة.

الجدير بالذكر أنّه في إطار تناول الأحداث الأخيرة في غزة، أجرى جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، إحاطة صحافية تناول خلالها الوضع في غزة. وقد وُجهت إليه أسئلة حول الأضرار التي لحقت بالكنيسة الرومانية الأرثوذكسية التي وصفت بأنّها من أقدم المعالم في مدينة غزة واستهداف المسجد العمري موضوع هذا التحقيق، وعن تداعيات الأحداث على المدنيين والبنية التحتية. لكن ما ظهر في هذه الإحاطة الصحافية أنّ كيربي لم يبد الاهتمام ولم يعط الإجابة الكافية واكتفى بالقول إنّه لن يتمّ التعليق على كل حادثة تقع على الأرض بل شدد على أنه تم التواصل بوضوح مع النظراء الإسرائيليين لضمان تنفيذ العمليات بما يتوافق مع قوانين الحرب. ومع ذلك، فإن تصريحات كيربي لم تتطرق بشكل مباشر إلى اتفاقيات الحماية الثقافية أو تدقيق الالتزام بها كما تم النقاش في اتفاقية لاهاي وبروتوكولاتها أو النية بفتح تحقيقات مستقلّة للكشف عن ملابسات استهداف المسجد العمري وتقديم الأدلة اللازمة، مما يثير الأسئلة حول مدى اعتبار هذه القضايا ضمن أي من أولويات البحث والمتابعة.

المنهجية

- جمع المعلومات: تمّ جمع وحفظ وتحليل مقاطع الفيديو والصور من وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية المنشورة يوم وقوع الهجمات وفي الأيام الثلاثة التي تلتها وقد بلغ عدد المصادر التي تمّ استخدامها في التحقيق 30 مصدرًا بوسائط مختلفة

  • -التحقق الزمني: تمّ تحديد تاريخ ووقت الهجوم من خلال عمليات البحث المتقدّمة على موقع فيسبوك باستخدام أداة WhoPostedWhat، وعمليات البحث المتقدّم على موقع "إكس" وتلغرام والتنويع في استخدام محرّكات البحث على الإنترنت، إضافة إلى استخدام أداة Invid وهي أداة مفتوحة تستخرج التاريخ والوقت عن طريق الهندسة العكسية للتحقق من بعض المعلومات الواردة في التحقيق. للتأكد من تاريخ التقاط بعض الصور، تمّ استخدام أداة SunCalc وهي أداة مفتوحة تقوم بتحديد التوقيت بناءً على طول واتجاه الظل في موقع الهجوم والذي تطابقت نتائجهُ مع نتائج الصور الأولى التي نُشرت على موقع فيسبوك.

  • - التحقق من الموقع الجغرافي: تحديد الموقع الجغرافي للمسجد العمري في جباليا من خلال البحث على موقع ويكيمابيا (Wikimapia)، حيث يحتوي على بيانات أكثر دقة عن أسماء المناطق المحلية من Google maps وGoogle Earth، ثم تحديد المسجد العمري الكبير في حي الدرج على تلك الخرائط لتوضيح الخلط الشائع بين المسجدين.

  • - المقارنة: مطابقة ما نشره المستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي من مواد مصوّرة التي أظهرت دمارًا قد حل بالمسجد العمري في جباليا مع صور حديثة للمكان من الأقمار الصناعية لإضافة طبقة جديدة من التحقق من المواد المتداولة لبعض من الهجمات التي تم نقاشها.

كان هذا التحقيق نتيجة لمراحل متعدّدة من تحليل المعلومات المتوفّرة مفتوحة المصدر، والتي وفّرت بيانات حول تاريخ ووقت وموقع الحادثة. على الرغم من ذلك، لم يتمكّن معدّ التحقيق من تحديد نوع الذخيرة المستخدمة أو الجهة المزعومة المسؤولة عن الهجمات بناءً على مراجعة كافة المعلومات المتاحة حول الاستهداف. يهدف هذا التحقيق إلى تقديم فهم أعمق للحادثة وتصحيح بعض الروايات المتعلّقة بها.